ما تخبرنا به العلوم المعرفية عن مهارات القراءة والكتابة باللغة العربية
مؤسسة القاسمي
يونيو 29, 2016
إن قادة التعليم في منطقة الخليج على دراية بالاختبارات القياسية الدولية كما أن معظمهم أيضاً على دراية بالواقع الذي يبين أنه على الرغم من. الاستثمارات المالية الضخمة في مجال التربية والتعليم من جانب دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن درجاتهم في الاختبار لاتزال منخفضة نسبياً.
فعلى سبيل المثال، يتوقع اختبارPIRLS من طلاب الصف الرابع في جميع أنحاء العالم قراءة مقاطع مكونة من 800-1000 كلمة والإجابة على الأسئلة. لكن متخصصي التقييم قدموا تقريراً يبين أن طلاب الصف الرابع في بعض دول الخليج يدرسون فقرات مكونة من 50-100 كلمة فقط.
وتشير هذه النتائج إلى أن معدلات معرفة مهارات القراءة والكتابة بين الطلاب في الخليج تحتاج إلى تحسين من أجل دعم اقتصاد المعرفة الذي تبنيه هذه الدول.
ووفقاً لأخصائية علم النفس المعرفي د. هيلين أبادزي، "قد تكون دول الخليج المزدهرة عرضة بشكل خاص إلى" فخ الإبتكار" حتى عندما تجعل من التعليم أولوية وطنية.
من المرجح للدول التي يمكنها أن تعطي الأفضل أن توظف استشاريين بارزين قد لا يعرفون كلمة واحدة في اللغة العربية، ولكن وبكل ثقة يوصون بإستراتيجيات أكثر ملاءمة للغات أبسط من الناحية النحوية، مثل اللغة الإنجليزية".
على نقيض ذلك ، فإن اللغة العربية لها إطار نحوي كبير، يجب أن يدرس بشكل منهجي.
ومن خلال علم الأعصاب الإدراكي، تقد تلقي د. أبادزي الضوء على تدني مستوى الطلاب العرب مقارنة بطلاب دول أخرى في هذهالمراحل المبكرة في تعليمهم.
ومن هذا المنطلق، تتعاون مؤسسة الشيخ سعود بن صقر القاسمي مع د. أبادزي لتطوير الكتاب المدرسي لمساعدة الطلاب الإماراتيين في التغلب على التحديات المرتبطة باللغة العربية.
و تقول د. ناتاشا ريدج، المدير التنفيذي لمؤسسة الشيخ سعود بن صقر القاسمي لبحوث السياسة العامة: "نحن نقدّر التفاني المميز الذي أظهرته د.أبادزي في مساعدة الطلاب على قراءة المزيد من النصوص باللغة العربية بطلاقة ، و إنه يسعدنا العمل مع مثل هذه الشخصيات التي تمتاز بالخبرة الدولية و ذات الكفاءة العالية".
وفي إجراء غير رسمي لاختبار سرعة القراءة بين الطلاب في المدارس الحكومية في إمارة رأس الخيمة، وجدت د. أبادزي والباحثين في المؤسسة أن قراءة الطلاب وفهمهم للنص أفضل من نظرائهم العرب في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن الطلاب في الولايات المتحدة، في المتوسط، يقرؤون نصوص (باللغة الإنجليزية) بحوالي 35٪ أكثر من عينة الطلاب في رأس الخيمة التي قرأت باللغة العربية، في ظل نفس القيود الزمنية المتاحة.
وفي صميم تحسين الفهم والاستيعاب خلال مهارات القراءة بين الطلاب (وهي المهارة التي تنطبق على الرياضيات والعلوم، فضلاً عن العلوم الإنسانية) هي تحسين الطلاقة التي ينطق بها الناطقين باللغة العربية من خلال قراءة النص. ومن الجدير بالذكر أن صعوبة زيادة هذه الطلاقة تتعلق بوظائف معينة في الدماغ.
من أجل إدراك مفهوم معنى محتوى النص، يجب على القرّاء أولاً التعرف على أصوات الحروف وتحديد موقع معاني الكلمات، وتبيان قواعد اللغة و الإنشاءات العربية.
وتوضح د. أبادزي أن الذاكرة العاملة لدينا قد تخزن المعلومات لمدة 12 ثانية فقط. وهذا يعني أن الطلاب الذين فكوا الحرف العربي ببطء شديد قد نسوا القطع الأساسية من النص (حروف وكلمات) قبل أن تتمكن عقولهم من وضعها معاً لفهم المفاهيم التي تقع داخل هذا النص.
الطلاقة والتلقائية في قراءة النصوص العربية تأتي ولا سيما ببطء بسبب تطور البرامج النصية.
كما تضيف د. أبادزي أن "تظهر البحوث بأن الحروف المتماثلة مع وجود الخطوط المنفصلة والنقاط جميعها يؤدي إلى البطء في القراءة".
وبالإضافة إلى ذلك، فإن حروف اللغة العربية تميل الى أن تكون مكتظة بتشكيل الكلمات والجمل التي تبدو مخيفة وتجعل من الصعب التمييز بين الحروف. قد يحتاج المتعلمين لساعات طويلة من الممارسة المهيكلة ليتعودوا على الحروف، كما يحتاجون أيضا إلى فهم اللغة على الفور. .
وتعلق الباحثة في المؤسسة سحر الأسد التي تساعد في تطوير الكتب المدرسية للطلاب المحليين قائلة: "تكمن الصعوبة في أن تكريس الوقت للتدريبات اللغوية وممارسة القراءة لا يزال لا يحظى بشعبية بين الناس الذين يشعرون بالفعل بخيبة امل نحو دراستهم العربية وبين المعلمين الذين يفضلون الأنشطة الصفية المبتكرة".
واليوم، غالباً ما يؤكد التدريب التربوي على الأنشطة الجماعية والوسائط المتعددة على التمرين ، التي قد لا تكون الطريقة الأمثل التي تساعد الطلاب العرب على تطوير تجربتهم من خلال تفكيك المقاطع النصية والانتقال إلى أنشطة ذات مستوى أعلى في التفكير.
تقول د. أبادزي: "إن علم الأعصاب الإدراكي يخبرنا بأن الممارسة في جميع المواد تحرر المعالجة، حتى يصبح الأداء بشكل أكثر طلاقة وتلقائي. تستمر الذاكرة العاملة ثوان معدودة. وهذا من شأنه أن يحرر الموارد العقلية التي يمكن استخدامها لفهم النص، و الإندماج في التفكير الرياضي، والتفكير النقدي حول مواضيع مختلفة".
ومن هذا المنطلق تقوم د. أبادزي والمؤسسة بإنتاج كتاب مدرسي لطلاب الصف الأول الذي من شأنه أن يعرفهم بالحروف العربية بحيث يدرك الطلاب الأشكال والمواضع، وحركات التشكيل (حروف العلة) المرتبطة مع أحرف مختلفة. كما سيتم ايجاد مسافات بين الحروف و ستكتب الحروف بخط أكبر في النص لمساعدة الطلاب على التفريق فيما بينها وتحقيق التلقائية في قراءتهم.
سيقوم هذا الكتاب بتلبية الحاجة الملموسة في مناهج التربية والتعليم في المرحلة التأسيسية عن طريق تقديم المواد بطريقة تسمح للطلاب بمعالجة واستيعاب الكتابة العربية بشكل أكثر سهولة. وهو يمثل خطوة نحو تحسين الطلاقة لدى الطلاب العرب في وقت مبكر من تعليمهم.
قول د. ريدج:" إن الصورة الكبيرة لهذا المشروع تكمن في زيادة الطلاقة في القراءة التي سوف تسمح للطلاب بتطوير مهارات التفكير الناقد في سن أصغر وبدرجة أكبر، مما يؤثر في كل من دراستهم وكذلك حياتهم المهنية في المستقبل".